يرقى الغلام درجة أخرى في سلم مزاعمه ومعتقداته الضالة وأفكاره المنحرفة التي تميل مع هواه حيث مال ، فيدعي أنه عيسى الموعود ، الذي ينزل آخر الزمان فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ... إلخ ، لكنه لم يجهر بأنه المسيح الموعود مباشرة ، بل ادعى بداية أنه مثيل المسيح ،أو شبيه المسيح ، أي أنه رجل يشبه المسيح في روحانيته وأخلاقه ، وإنما سمي المسيح لأنه يجيء لإصلاح ما أفسده الناس ، ليرد الناس إلى دين الله كما جاء المسيح ابن مريم لإصلاح ما أفسده اليهود .
وهذا الادعاء لم يكن من اجتهاد الغلام ، بل كان وفق قدر الله وأمره ، يقول بشير أحمد ابن الغلام في كتاب سيرة المهدي :" وِفْقَ قدر الله لم يعلن بأنه المسيح الموعود واقتصر على أنه بعث من الله مصطبغًا بصبغة المسيح الناصري من إجل إصلاح خلق الله ، وقال إن لي مماثلة بالمسيح الناصري " ([1]) .
ولأجل التشابه في المهمة التي بعث كل من المسيح والغلام من أجلها سمي الأخير بالمسيح ، ولأن روح المسيح قد حلت فيه واتحدت به ، وغابت طينته في طينة المسيح حتى صارا كالشيء الواحد ، يقول الغلام :" إن الله أرسل رجلاً كان أنموذجًا لروحانية عيسى ، وقد ظهر في مظهره ، وسمي المسيح الموعود لأنه الحقيقة العيسوية قد حلت فيه ، ومعنى ذلك أن الحقيقة العيسوية قد اتحدت به " ([2]) .
ويقول :" فالمراد منه مثيل يكون للمسيح كوجوده ، وينزل بمنزلة ذاته من شدة المماثلة " ([3]) .
والتشابه ليس في المهمة فقط بل في الفطرة ، وفي نزوله من السماء ، ومناصرة الملائكة له !! ، يقول الغلام :" إن لي شبهًا بفطرة المسيح ، وعلى أساس هذا الشبه الفطري أرسل هذا العاجز باسم المسيح ليدك العقيدة الصليبية ، لقد نزلت من السماء مع الملائكة الذين كانوا عن يميني وشمالي " ([4]) .
ويقول:" وأدركت بحاسة روحي أنه اتحد ( أي عيسى عليه السلام ) بوجودي ، وصرت في نفسه ملتفًا وصرنا كشيء واحد يقع عليه اسم واحد ، وغابت طينتي في طينته العليا " ([5]) .
ثم يوضح الغلام هذا الشبه الفطري ، وكيف جاء بقوله :" ثم نشأت في الصفة المريمية إلى سنتين ، .... ومازلت أنمو وأتربى وراء الحجاب ثم .... نفخ فيَّ روح عيسى" ([6]) .
ويفسر الغلام كيفية وجود شبيه لعيسى ، بأن الأنبياء لهم تدليات إلى الأرض ، فإذا وجدو أمتهم قد طغت ، وكثر فسادها ، وانتشر فيها الزور والكفر انزعجوا ، دعوا الله أن ينزلهم إلى الأرض ليرشدوا أمتهم ويردوها إلى منهج الله فيخلق الله نائبًا عن أحدهم ينزل ، فيقوم بدوره ويعمل وفق إرادته ، يقول الغلام :" وأما الكلام الكلي في هذا المقام ، فهو أن للأنبياء الذين ارتحلوا إلى حظيرة القدس تدليات إلى الأرض في كل برهة من أزمنة يهيج الله تقاريبها فيها ، فإذا جاء وقت التدلي صرف الله أعينهم إلى الدنيا ، فيجدون فيها فسادًا وظلمًا ويروا أن الأرض قد ملئت شرًا وزورًا وشركًا وكفرًا ، فإذا ظهر لأحد منهم أن تلك الشرور والمفاسد من بغي أمته ، فيضطر روحه اضطرارًا شديدًا ، ويدعو الله أن ينزله إلى الأرض ليهيء لهم من وعظه رشدًا ، فيخلق له الله نائبًا يشابهه في جوهره ، وينزل روحه بتنزيل انعكاسي على وجود ذلك النائب ، ويرث النائب اسمه وعلمه فيعمل على وفق إرادته عملاً ، فهذا هو المقصود من نزول إيليا في كتب الأولين ونزول عيسى عليه السلام وظهور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المهدي خُلقًا وسيرة ، وما من محدَّث إلا له نصيب من تدليات الأنبياء قليلاً كان أو كثيرًا " ([7]) .
ولايقتصر الشبه بين الغلام وعيسى عليه السلام على المهمة التي أرسل من أجلها ، وعلى الجانب الروحي فقط ، بل هناك أمور كثيرة يتشابهان فيها ، فولادة عيسى نادرة وكذلك يزعم الغلام أن ولادة كانت نادرة !!
يقول الغلام :" فأنا مشابه لعيسى في أشياء كثيرة حتى وأتشابه معه في الولادة ، فكانت في ولادته ندرة ( أي ولادته بدون أب ) ، وفي ولادتي ندرة أيضًا ؛ لأني حينما وُلدت ولدت معي بنت وهذا من النوادر في الخلق الإنساني ؛ لأنه في كثير من الأحيان لا يولد إلا مولود واحد في وقت واحد" ([8])!!.
وكذلك فإن عيسى هو الخاتم للسلسلة الموسوية ، كما أن الغلام - بزعمه - هو خاتم السلسلة المحمدية ، يقول الغلام :" وأنا أيضًا أشبه عيسى من حيث إني لست من قريش ، ولكني بعثت في القرن الرابع عشر لسلسلة محمد صلى الله عليه وسلم ، كما لم يكن عيسى من بني إسرائيل لعدم وجود الأب ، ومع ذلك كان رسولاً لسلسلة موسى ، وكان بعد موسى أربعة عشر قرنًا " ([9]) .
وهذا كلام لا يقبله العقل السليم ؛ إذ لماذا يخلق الله نائبًا عن النبي لينزله ، أليس الأيسر والأفضل أن ينزل ذات النبي الذي اعتاده القوم وصدقوه ؟ ، وما الداعي لأنزال نائب لا يعرفه الناس ، فيخوض معهم في جدال طويل حتى يقنعهم بأنه نائب لنبيهم ، وأنه سائر على دربه ؟ وما الداعي أن يكون الشبه الوحيد الذي نزل إلى الأرض هو شبه عيسى فقط ، وأين أشباه باقي الأنبياء ؟ ، ولماذايكون نائب عيسى - الذي يشبهه ويكون انعكاسًا لروحه، ويرث اسمه وعلمه - نازلاً في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ لماذا لا يكون كل نائب ينزل في أمة رسوله، فيكون الذي ينزل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو نائب عن محمد صلى الله عليه وسلم؟ ثم أليس من الأولى أن ينزل نائب عيسى في النصارى ليردهم إلى دين عيسى عليه السلام ومنهجه ؟! .
لكن الغلام من أجل خداع الناس والتعمية عليهم وتضليلهم تراه يمزج بين النظرة الفلسفية والنزعة الصوفية التي ترى أن الأولياء يأخذون علومهم عن الأنبياء من خلال هذه التدليات كل حسب مقامه ، يقول الدكتور أحمد بن سعد الغامدي :"إذا كان هذا الزعم صحيحًا فلماذا لم يخلق الله أحدًا شبيهًا به صلى الله عليه وسلم من قديم الزمان ، إذ قد تعرضت الأمة لفتن كثيرة ومصائب عظيمة ، وقد كانت الأمة وحدها هي التي تغالب تلك الأحداث ، ولم نسمع أن أحدًا ادعى قبل القادياني أنه أرسل شبيهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لينقذ الأمة ؛ لأن الرسول نزل إلى الأرض فانزعج وأرسله " ([10]) .
ويدلل الغلام على منطقية وضرورة ظهوره مثيلاً للمسيح بحجة تافهة واهية ، فيقول :" ولقد أرسلت كما أرسل المسيح بعد الكليم ( موسى ) الذي رفعت روحه - أي عيسى - بعد تعذيب وإيذاء شديدين في عهد هيرودوس ، فلما جاء الكليم الثاني ( محمد ) الذي هو أول كليم ، وسيد الأنبياء لقمع الفراعنة الآخرين .... ، فكان لا بد أن يكون بعد هذا النبي الذي هو في تصرفاته مثل الكليم ، ولكنه أفضل منه ، يرث قوة مثيل المسيح وطبعه وخاصته ... وقد نزل هذا المسيح وكان نزوله روحانيًا " ([11]) .
وهذا الكلام على غموض بعض عباراته إلا أن الغلام يريد أن يبرهن به على أن مجيئه بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو شيء طبيعي دعت إليه الضرورة واقتضته سنة الله تعالى في أنبيائه ورسله ، كما يشير الغلام فيه إلى أفضليته على عيسى عليه السلام ، وهو كلام لا يقبله عاقل ، فهل كل نبي لابد أن يأتي بعده نبي آخر يؤكد دعوته ويسير على شريعته ؟! ، إن الأنبياء يصدق كل منهم من سبقه ، لكنه يأتي بشريعة خاصة به تناسب من أرسله الله تعالى إليهم .
يقول الشيخ رضا خان بعد أن ذكر بعض ما أكرم الله به المسيح من إنزال الإنجيل عليه وإحيائه الموتى بإذن الله وإبراء الأكمه والأبرص .... إلخ : " ... وظاهر جدًا ان القادياني لم يكن ليقوم بشيء منه أصلاً ... فمن أين له دعوى مثلية المسيح ؟! ، لعل ميرزا هنا قد ساوره الهم واستولى عليه الخوف والذعر من أن يفاجئه سائل ، ويمسك بتلابيبه قائلاً إنك تدعي مثلية المسيح ، فهل لك أن تأتي بشيء مما ذكر من فعال المسيح عليه السلام ؟ ، وبما أنه أعلم بخفايا نفسه ..... وبأنه كذاب ملوم ، شقي محروم من الرحمة الإلهية ، فقد مهد لذلك تمهيدًا ، .... ، وقال بلفظ صريح : لم تكن هذه كلها من المعجزات ، وإنما كانت شعوذه وسحرًا ، ولولا أني كرهت هذه الأفاعيل لأتيت بها "([12]) .
والغلام حين يدعي هذا الادعاء السخيف يخالف الأحاديث الصحيحة المتواترة التي وردت في دواوين السنة المطهرة ، والتي تقضي بأن الذي سينزل هو المسيح ، وليس مثيل المسيح ، بل إن فكرة مثيل المسيح هذه ما هي إلا فكرة خبيثة أراد بها الغلام أن يعمي على الناس ويخدعهم ، يقول الدكتور موسى البسيط :" ومن اللغو أن يحاول أحد إثبات مثيل لعيسى على أساس الروايات الواردة في نزول عيسى " ([13]) .
ويقول الدكتور عامر النجار :" والحديث ينص على أن النازل هو عيسى ابن مريم لا مثيله كما يدعي القاديانيون ، ويشير أيضًا إلى أن عيسى عليه السلام يصلي خلف إمام المسلمين يوم ذاك " ([14]) .
وهذه الفكرة لم تكن من اختراع الغلام ولا من بنات أفكاره ولكن الغلام في هذه - وفي غيرها - كان تابعًا لغيره يلوك أفكارهم ، ويردد مقولاتهم ، والذي أوحي إليه بفكرة المثيل هذه ، هو صديقه الحميم الحكيم نور الدين ، وقد اعترف الغلام بهذا ، فقد كتب رسالة إلى الحكيم نور الدين يرد بها على إحدى رسائل الحكيم ، يقول فيها :" لقد تسائل الأستاذ الكريم : ما المانع أن يدعي العاجز ( يقصد نفسه ) أنه مثيل المسيح ، وينحى في جانب مصداق الحديث الذي جاء فيه أن المسيح ينزل في دمشق ، وأي ضرر في ذلك " ([15]) .
وقد كان الحكيم شديد الذكاء في هذه الفكرة ، إذ أن فكرة نزول المسيح هي الفكرة الوحيدة التي يمكن أن يتسرب منها إلى عقول المسلمين ، ويبث من خلالها ما يشاء من الأفكار المنحرفة ، وبخاصة بعد أن ادعى كثير من الناس أنه المهدي المنتظر ثم اكتشف الناس بعد ذلك أنه من الكذابين .
ولما رأى الغلام أن أتباعه قد اقتنعوا بفكرة المثلية واستقرت الفكرة عند العامة انتقل سريعًا إلى الخطوة التالية فادعى أنه هو المسيح ابن مريم ذاته ، يقول بشير أحمد :" ثم أعلن في بداية عام 1891م عن وفاة المسيح وأعلن أنه هو المسيح الذي وعد بمجيئه في هذه الأمة " ([16]) .
وقد ذكر الغلام هذا الادعاء في كل الكتب التي ألفها بعد إعلانه أنه المسيح ، بل كان يذكره في الكتاب الواحد مرات عديدة في مواضع متفرقة ، وبعبارات مختلفة ؛ ليقرر ذلك في الأذهان ، يقول :" بعثني الله على رأس المائة ..... لأجدّد الدين ، وأنوّر وجهَ الملة ، وأكسِّر الصليب ، وأُطفئ نارَ النصرانية ، وأقيمَ سنةَ خير البرية ، ولأصلحَ ما فسد ، وأروِّجَ ما كسد ، وأنا المسيح الموعود ، والمهدي المعهود " ([17]) .
ويقول :" وإني أنا المسيح الموعود ، الذي يدفو ويجود ، ويستقري التقي الذي يبغي الحق ويرود " ([18]) .
ويقول :" وأقسم بالله الذي خلق الموت والحياة إني لصدوق ، .... وإني أنا المسيح الموعود " ([19]) .
ويقول :" وأما الذي كان نازلاً من السماء فهو هذا القائم بينكم كما أوحي إلىَّ من حضرة الكبرياء " ([20]) .
وقد تخبط الغلام في ادعائه أنه المسيح تخبطًا شديدًا ، فتارة يدعي أن المقصود من ذلك المماثلة فكما ختمت السلسلة الموسوية بعيسى ابن مريم فلابد أن تختم السلسلة المحمدية - والتي تقابل وتشبه السلسلة الموسوية - بشخص كعيسى عليه السلام ، ويبين الغلام هذا الأمر بأن الله تعالي جعل في بني إسرائيل النبوة وجعل فيهم السلسلة الموسوية وختم هذه السلسلة بعيسى عليه السلام ، ثم لما بدل بنوإسرائيل كلام الله وكفروا بنعمه عليهم سلبهم النبوة وحولها إلى بني إسماعيل وجعل فيهم السلسلة المحمدية ، وكما ختمت السلسلة الموسوية بالمسيح ابن مريم عليه السلام لابد أن تختم السلسلة المحمدية بالمسيح الموعود ([21]) .
وتارة يدعي أن روح عيسى ابن مريم حلت فيه ، حتى صار هو عين عيسى ، ويزعم أن الله أوحى إليه أنه هو عيسى ، يقول :" .... وقال سبحانه :" إنك أنت هو في حلل البروز ، وهذا هو الوعد الحق الذي كان كالسر المرموز ، فاصدع بما تؤمر ولا تخف ألسنة الجاهلين " ([22]) .
ثم يبين كيفية حلول روح عيسى عليه السلام فيه حتى صار جزءًا من جوهر عيسى ووجوده ، بل صارا -هو وعيسى عليه السلام - شيئًا واحدًا ، يقول :" إني قد أرسلت من ربي ، ونفث في روعي من روع المسيح ، وجعلت وعاء لإراته وتوجهاته ، حتى امتلأت نفسي ونسمتي بها ، وانخرطت في سلك وجوده حتى تراءى شبح روحه في نفسي ، وأشربت في قلبي وجوده ، وبرق منه بارق فتلقته روحي أتم تلقٍ ، ولصقت بوجوده أشد مما يخيل كأني هو ، وغبت في نفسي ، وظهر المسيح في مرآتي وتجلى ، حتى تخيلت أن قلبي وكبدي وعروقي وأوتاري ممتلئة من وجوده ، ووجودي هذا قطعة من جوهره ووجوده ، وكان هذا فعل ربي تبارك وتعالى ، وكان هو في أول أمري قريبًا كالبحر من القارب ثم دنا فتدلى ، فكان من بمنزلة الماء في القربة ، وتموج في جسدي روحه ، فصرت كشيء لا يرى ، ووجدته كقَنْدٍ اختلط بماء لا يتميز أحدهما من الآخر ، وأدركت بحاسة روحي أنه اتحد بوجودي ، وصرت في نفسه ملتفًا ، وصرنا كشيء واحد يقع عليه اسم واحد وغابت طينتي في طينته العليا " ([23]) .
وهو في هذا يتابع الفرق الباطنية القائلة بالحلول وينسج على منوالها .
وتارة يدعي أن اسمه عيسى ابن مريم ؛ لأن الله تعالى هو الذي سماه عيسى ابن مريم ، وهو أيضًا الذي جعله مريم ، ونفخ فيه من روحه ( أي أظهر فيه قوته الرجولية ) فحمل بعيسى وبعد أشهر من الحمل صارعيسى ابن مريم ، يقول الغلام :" وسماني ربي عيسى ابن مريم في إلهام من عنده ، وقال " ..... إنا جعلناك عيسى ابن مريم " ([24]) .
وقد أوحى الله إليه أنه سماه عيسى ابن مريم لأنه خلقه من جوهر عيسى ، يقول الغلام :" وإن الله قد سماني في هذا عيسى ، ومن جملتها إلهام آخر خاطبني ربي فيه ، وقال : إني خلقتك من جوهر عيسى ، وإنك وعيسى من جوهر واحد وكشيء واحد " ([25]) .
ويورد في السبب الذي جعله الله عيسى ابن مريم من أجله كلامًا يضحك منه الصبية ، ولا يقبله من كانت له أثارة من عقل ، أو مسحة من فهم ، فيزعم أن الله لما رأى النصارى يصدون عن دينه صدودًا ، ويؤذون رسوله ( يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم ) ويحتقرونه ، ويُطرون ابن مريم إطراءً كبيرًا اشتد غضبُه غيرةً على رسوله ، فأراد أن ينزع الشرف منهم بأن يجعل عيسى ابن مريم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فنادى الغلام ، وقال له :" إني جاعلك عيسى ابن مريم ، وكان الله على كل شيء مقتدرًا ، فأنا غيرة الله التي فـارت في وقتهـا ، لكي يعلم الذين غـلوا في عيسى أنّ عيسى ما تفـرّد كتفـرّد الله ، وأن الله قـادر على أن يجعل
عيسى واحدًا من أمة نبيه " ([26]) !!
ويقول :" ومن فضل الله وإحسانه أنه جعل هذا الفتح على يد المسيح المحمدي ؛ ليري الناس أنه أكمل من
المسيح الإسرائيلي في بعض شئونه ، وذلك من غيرة الله التي هيجها النصارى بإطراء مسيحهم "([27]) .
وتارة يدعي أنه التدلي والانعكاس لروح عيسى عليه السلام .
ولكي يقنع الغلام الناس أنه هو المسيح الموعود الذي ينزل آخر الزمان سلك مسلكًا خطيرًا مؤداه: إقناع الناس أن عيسى ابن مريم الذي سينزل آخر الزمان ، هو شخص آخر مغاير لعيسى ابن مريم الناصري الذي بعث في بني إسرائيل ، وهو يعلم جيدًا أنه لو استطاع إقناع الناس بذلك لسهل عليه أن يدعي أنه هو المقصود بعيسى ابن مريم الذي ينزل آخر الزمان ، ولتقبل الناس ذلك منه ، فاجتهد وسعه في إثبات هذا الأمر ، وقد سلك في ذلك مسلكين خبيثين :
الأول : إثبات أن المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام قد مات .
والثاني : تأويل الأحاديث والآثار الواردة في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام ، وصفة نزوله ، ومكان النزول .
أما المسلك الأول: إثبات موت المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام :
فالغلام وأتباعه يعتقدون أن عيسى عليه السلام قد مات سواء أكان هذا الموت طبيعيًا كما يعتقد بعض المسلمين أو كان بالصلب كما يعتقد النصارى ، وأنه مات بعد حياة طويلة استمرت مائة وعشرين سنة ، وأنه جاب أرجاء الأرض وهاجر قبل ألفي سنة إلى كشمير ، وكان يعرف بالنبي ابن الملك ، وظل في كشمير تسعين سنة يعظ الناس ، ويدعوهم إلى الرهبنة واعتزال النساء ، حتى وافته المنية في كشمير بالهند ، وقبره معروف هناك ، وهو القبر المشهور بقبر " بوذا سف " في حارة خان يار ، والذي دفع الناس إلى أن يظنوا أن المسيح رفع أو صلب في الشام عدم معرفتهم لمعنى كشمير ، فكلمة " كشمير" مركبة من الكاف ، و " أشكير التي معناها بالعبرية " الشام " ، وكشمير تشبه بلاد الشام في مناخها " ([28]) .
وقد تكلم الغلام وأفاض في مسألة موت المسيح عليه السلام كثيرًا وساق فيها عشرات الأدلة التي اعتمد فيها علي فهمه المريض وتأويلاته الفاسدة للنصوص الشرعية الواردة ، بل لقد ألف الغلام كتابًا أسماه مواهب الرحمن فكرته الأساسية تقوم على إثبات موت المسيح عيسى ابن مريم وسوق الأدلة على ذلك ، وذكر موت عيسى عليه السلام كثيرًا في باقي كتبه ([29]) .
([1]) مجلة التقوى القاديانية ، المجلد الخامس والعشرون ، العدد السادس ، أكتوبر 2012م ، ص32 .
([2])القادياني والقاديانية ، دراسة وتحليل ، لأبي الحسن الندوي ، ص 77.
([3]) حمامة البشرى ، للغلام ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1428هـ - 2007م ، ص 58.
([4]) فتح الإسلام ، للغلام ، مطبعة رياض الهند ، أمرتسار ، 1308هـ ، ص 9 ، وياللعجب من شدة تناقض الغلام ففي الوقت الذي يرى فيه أنه من المؤسف أن يفهم بعض فرق من القرون الثلاثة إلى أن عيسى عليه السلام عصم من الصليب وصعد إلى السماء حيًا وما زال هناك بجسده المادي ، وأن فهمهم هذا يبعث على البكاء ، وينكر نزول عيسى نراه لما ادعى أنه هو عيسى يدعي أنه نزل من السماء!!
([5])التبليغ ، للغلام ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1425هـ - 2004م ، ص 44 .
([6]) براهين أحمدية ، للغلام ، ص 48 .
([7]) التبليغ ، للغلام ، ص 44 ، سبحان الله ! يأبى الله تعالى غلا ان يفضح الغلام ويكشف كذبه للناس ، فإذا كان الغلام هو شبيه عيسى وانعكاسه الروحي الذي يعمل وفق إرادته وشريعته فلماذا جاء بشريعة جديدة مخالفة لشريعته ؟! ، بل نقول لماذا امتلأت كتب الغلام بالطعن في المسيح عيسى عليه السلام ؟!! ، لكنه الكذب والبهتان والافتراء .
([8]) نقلاً عن : القاديانية دراسات وتحليل ، إحسان إلهي ظهير ، ص 144 .
([9])القاديانية دراسات وتحليل ، إحسان إلهي ظهير ، ص 145.
([10]) ختم النبوة بالنبوة المحمدية ، أحمد بن سعد الغامدي ، دار طيبه ، بدون تاريخ ، ص259 .
([11]) فتح الإسلام ص 6- 7 ، الجماعة الأحمدية في ميزان الإسلام ، د موسى إسماعيل البسيط ، ص 42 .
([12]) رسالة الجراز الدياني على المرتد القادياني ، للشيخ أحمد رضا خان الحنفي ، تعريب ، محمد جلال رضا ، منشورة ضمن كتاب السوء والعقاب على المسيح الكذاب للمؤلف ، الدار الثقافية للنشر ، القاهرة ، ط1 ، 1421هـ - 2000م ، ص60-61.
([13])الجماعة الأحمدية في ميزان الإسلام ، د موسى إسماعيل البسيط ، ص 52 .
([14]) القاديانية ، عامر النجار ، ص28 ، والحديث الذي يشير إليه هو قول النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال .." الحديث ، رواه البخاري في صحيحه برقم3448،ج4، ص168، ومسلم في صحيحه ، برقم155، ج1 ، ص 135 ، والترمذي في السنن ، برقم 2233 ، ج4 ، ص77 ، =
= وأحمد في مسنده ، برقم10944 ،ج16 ، ص550 ، وعلي بن الجعد في مسنده ، تحقيق عامر أحمد حيدر ، مؤسسة نادر ، بيروت ، ط1،1410هـ -1990م ، برقم 2867 ، ج1 ، ص420 .
([15]) نقلاً عن القادياني والقاديانية ، للندوي ، ص 54 .
([16]) مجلة التقوى القاديانية ، المجلد الخامس والعشرون ، العدد السادس ، أكتوبر 2012م ، ص33.
([17]) الاستفتاء ، للغلام ، ص 27 .
([18]) سيرة الأبدال ، للغلام ، ط1، 1903م ، ص 2 .
([19]) مواهب الرحمن ، للغلام ، ص23 .
([20]) الخطبة الإلهامية ، للغلام ، ص3 .
([21]) الخطبة الإلهامية ، للغلام ، هامش ص 12 .
([22]) مكتوب أحمد ، للغلام ، ص5 .
([23]) التبليغ ، للغلام ، ص43- 44 ، والقَنْدُ عُصارة قصَب السُّكَّر إِذا جَمُدَ ( لسان العرب ، لابن منظور ، ج3 ، ص368 ) .
([24]) حمامة البشري ، للغلام ، ص 23 -24.
([25]) حمامة البشرى ، للغلام ، ص44.
([26]) مرآة كمالاتِ الإسلام ، للغلام ، ص576 .
([27])الخطبة الإلهامية ، للغلام ،هامش ص 29.
([28]) إزالة أوهام ، للغلام ، ص356 ، الجماعة الأحمدية في ميزان الإسلام ، د موسى إسماعيل البسيط ، ص 43 .
([29]) انظر : مواهب الرحمن ، للغلام ، ص46-76 ، الخطبة الإلهامية ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1430هـ - 2009م ، ص3 ، 5 ، 12، 29 ، مكتوب أحمد ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1428هـ - 2007م ، ص5 وما بعدها ، الاستفتاء ، ص 27، حقيقة الوحي ، ص 65 ، البراهين الأحمدية ,ج5, ص 352 ، دافع البلاء ، ص 17 ، سر الخلافة ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1428هـ - 2007م ، ص 77 ، نور القرآن ، الشركة الإسلامية المحدودة ، إسلام أباد ، ط1، 1428هـ - 2007م ، ص449، وغيرها من كتبه .
تم التطوير باستخدام نظام مداد كلاود لإدارة المحتوى الرقمي بلغات متعددة .