يعتقد القاديانيون أن رؤية الله تتمثل في رؤية مظاهره التي تجسد فيها ، فهي تتبدى في أنبيائه ورسله لأنهم المرايا للذات الإلهية ، وأكمل هذه المظاهر محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لذا تتبدى فيه صورة الذات الإلهية في أكمل وجوهها وأجلى صورها ، ثم تظهر صورة الذات الإلهية في أكمل وجوهها كذلك في كل شخص من أمة محمد صلى الله عليه وسلم تجلت فيه الحقيقة المحمدية ، وأكمل من تجلت فيهم الحقيقة المحمدية هو المسيح الموعود ميرزا غلام أحمد القادياني ، ففيه تتجلى الذات الإلهية في أوضح صورها ، فتصير رؤية الغلام هي عين رؤية الله .
ولا غرابة في ذلك فقد حل الله في الغلام حتى صارت نفس الله هي ذاتها نفس الغلام ، وذات الله هي ذات الغلام ، وكيان الله هو كيان الغلام ، وبالتالي يكون ظهور الغلام هو ظهور الله ، وفي هذه الحالة يكون من رأي الغلام فقد رأي الله - تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرا - ، يقول الغلام :" إن الله نزل في وأنا واسطة بينه وبين المخلوقات كلها " .
ويقول:" رأيت في إحدى رؤاي أنني أنا نفسي الله ، و كنت متأكداً أنني أنا هو ، و أنه لم يبق من مشيئتي و إرادتي ، وأفعالي البشرية شيء ، و كأنني أصبحت مثل المنخل أو كأن كياني اندمج داخل كيان آخر بحيث يختفي الكيان الأول داخل الكيان الجديد ، ولا يبقى للكيان الأول أي أثر أبدًا ، و في هذه المرحلة رأيت أن روح الله المقدسة قد دخلت في كياني ، وصار الله يسيطر على جسدي ، واندمج كياني مع كيان الله حتى لم يبق مني جزيء بشري واحد " ([1]) .
ويقول :" أنت مني وأنا منك ظهورك ظهوري" ([2]) .
ويزعم الغلام أن هذا التصريح ليس من عنده بل إن الله يخاطبه بذلك في وحيه إليه ، فيزعم أن الله يقول له : " كنت كنزًا ، فأحببت أن أعرف ، يا قمر يا شمس أنت مني وأنا منك " ([3]) .
ويخاطبه كذلك قائلاً له:" يا أحمدي أنت مرادي ومعي ، أنت وجيه في حضرتي اخترتك لنفسي وسرك سري ، وأنت معي وأنا معك ، وأنت مني بمنزلة لا يعلمها الخلق ، إذا غضبتَ غضبتُ، وكل ما أحببتَ أحببتُ " ([4]) .
ومن هذه النصوص يتبين أن الغلام وأتباعه يعتقدون أن رؤية الله تعالى تكون في الدنيا برؤية مظاهره ، أي الأنبياء والرسل ، وهم بهذا ينكرون ما أجمع عليه المسلمون من أن رؤية الله تعالى تكون في الجنة ، وأن من ادعى رؤية الله في الدنيا فهو كاذب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" .... ، ولن تروا ربكم حتى تموتوا ... " الحديث ([5]) .
وفي الحديث في تفسيـر قوله تعالى : ) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ( ( سورة يونس :26 ) ، عن صهيب ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال: يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئًا أزيدكم ؟ ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار؟ ، قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل "([6]) .
([1])النصان نقلاً عن القادياني وعقيدته ، منظور أحمد جنيوتي ، ص22 ، 23-24، ذكر ذلك الغلام في كتاب البرية ،ص76 ،102،103.
([2]) التذكرة ، للغلام ، ص 700 .
([3]) كتاب حقيقة الوحي للقادياني ، ص 77.
([4]) مواهب الرحمن ، للغلام ، الشركة الإسلامية ربوة ، ط1 ، 1427هـ - 2006م ، ص 100.
([5]) رواه النسائي في السنن الكبرى ، برقم 7716 ، ج7 ، ص 165، وأحمد في المسند برقم 22764،ج 37، ص 423-424، ( ورواية أحمد إسنادها ضعيف لضعف بقية بن الوليد ) ، وابن أبي عاصم في السنة واللفظ له ، برقم 429، ج1 ‘ ص 186 ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد تحقيق عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان ، مكتبة الرشد ، الرياض ، ط5 ، 1414هـ - 1994م ، ج2 ، ص459 .
([6]) رواه مسلم ، برقم181 ،ج1 ، ص161، والترمذي في سننه ، برقم 2552 ، ج4 ، ص 268 ، والنسائي في السنن الكبرى ، برقم 7718 ،ج7، ص166 ، وابن ماجة في سننه ، برقم 187، ج1، ص67 ، وأحمد في مسنده ، برقم 18935، ج31 ، ص261.
تم التطوير باستخدام نظام مداد كلاود لإدارة المحتوى الرقمي بلغات متعددة .