عبد الله زيدان
الأحد 14 أكتوبر 2012
ما ينبغي للنبي أن يكون شاعرا
رداً على طائفة الأحمدية القاديانية
بقلم / عبد الله زيدان
abdallahzidan@hotmail.com
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ..
ثم أما بعد ،،،
في زمن كثرت فيه الهرطقة ، والإدعاءات الكاذبة والاستخفاف بعقول العباد ، كثر مدعو النبوة وكثر الذين يؤولون مفهوم ختم النبوة تأويلات باطنية سخيفة لا أصل لها لا من قرآن ولا سنة ولا من قواعد لغوية سليمة ،
وفي الغالب مثل هذه الدعوات لا تلقى قبولاً لدى المسلمين من عوامهم قبل علمائهم ،
ومن هذه الدعوات الجديدة .. دعوة الميرزا غلام أحمد القادياني ، والذي تدرج في دعواه من مصلح ومجدد ، لمهدي منتظر ، لمسيح، لنبي تابع حتى وصل في دعوته لنبي تشريعي مستقل ([1]) ،
فنظرتُ في أعظم الدلائل على نبوته المزعومة وجدت أنها كتابته لقصائد شعرية باللغة العربية الفصيحة مع أن لغته الأصلية هي الأردو ، هذا ما يتغنى به أتباع هذا المتنبئ ويستدلون على صدق نبوته بهذه القصائد الشعرية .
مع العلم أن الميرزا تعلم اللغة العربية في صباه وأتقن النحو والصرف في ريعان شبابه ([2]) ، فالإدعاء بان الله هو الذي علمه العربية في ليلة هذا إدعاء كاذب لا أصل له .
وفي هذا المبحث بإذن الله سنهدم نبوته بما يستدلون به على صدق دعواه :
والسؤال هنا .. هل ينبغي للنبي أن يكون شاعراً ؟؟؟
من المعلوم أن الشعر فن أدبي راقي يحلم الكثير بأن يوصف بهذا الوصف فالوصف بالشاعر هو مدح لكاتب الشعر ... ولكن في نفس الوقت هذا الوصف ما هو إلا قدح وذم في حق النبي ، فلو كان النبي – أيا كان هذا النبي – شاعراً لسقطت نبوته ، فنبينا عليه الصلاة والسلام أتهمه الكفار بأنه شاعراً فقال الله جل وعلا على لسانهم {بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ }الأنبياء5
- بَلْ هُوَ شَاعِرٌ : فكانت مسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فاستخدم الكافرون هذا الوصف حتى يسقطوا بها نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
ولكن دافع عنه رب العزة سبحانه وتعالى فقال في كتابه العزيز {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ }الحاقة41
فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس بشاعر كما تزعمون وإنما هذا الكتاب الذي أتى به " تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ "
- يقول أتباع القاديانية أن النبي صلى الله عليه وسلم نعم لم يأت بشعر وهذه الآيات إنما نزلت لتبرئ القرآن الكريم من أنه شعر وليس نفي الشعر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النبي أفضل البشر بما فيهم الشعراء والشعر فن لا يحرمه الإسلام والأصل فيه الحل ما خلا مما حرمه الله من كلمات غثة من وصف للنساء ودعوة لشرب الخمور والانحلال .
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعض أبيات الشعر من قبل ..
وللرد على هذه الشبهة : دفاع الله سبحانه وتعالى عن نبيه الكريم فقال تعالى
" وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ " يس69
يقول عز وجل مخبرا عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه ما علمه الشعر "وما ينبغي له" أي ما هو في طبعه فلا يحسنه ولا يحبه ولا تقتضيه جبلته ولهذا ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحفظ بيتا على وزن منتظم بل إن أنشده زحفه أو لم يتمه وقال أبو زرعة الرازي حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي أنه قال: ما ولد عبد المطلب ذكرا ولا أنثى إلا يقول الشعر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد بالزرقاء قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثتا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن هو البصري قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا قال أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما أشهد أنك رسول الله يقول تعالى "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" وهكذا روى البيهقي في الدلائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه "أنت القائل: أتجعل نهبى ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة.
فقال إنما هو بين عيينة والأقرع فقال صلى الله عليه وسلم "الكل سواء" يعني في المعنى صلوات الله وسلامه عليه والله أعلم.
وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف لهذا التقديم والتأخير الذي وقع في كلامه صلى الله عليه وسلم في هذا البيت مناسبة أغرب فيها حاصلها شرف الأقرع بن حابس على عيينة بن بدر الفزاري لأنه ارتد أيام الصديق رضي الله عنه بخلاف ذاك والله أعلم وهكذا روى الأموي في مغازيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمشي بين القتلى يوم بدر وهو يقول "هاما" فيقول الصديق رضي الله عنه متمما للبيت: من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما وهذا لبعض شعراء العرب في قصيدة له وهي في الحماسة وقال الإمام أحمد حدثنا هشيم حدثنا مغيرة عن الشعبي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل فيه ببيت طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تزود وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة من طريق إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عنها.
ورواه الترمذي والنسائي أيضا من حديث المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كذلك ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (.([3]
وأما ما روي عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وقوله: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ونحو ذلك، فمن الاتفاق الوارد من غير قصد كما يأتي ذلك في بعض آيات القرآن، وليس بشعر ولا مراد به الشعر، بل اتفق ذلك اتفاقاً كما يقع في كثير من كلام الناس، فإنهم قد يتكلمون بما لو اعتبره معتبر لكان على وزن الشعر ولا يعدونه شعراً، وذلك كقوله تعالى: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" وقوله: "وجفان كالجواب وقدور راسيات" على أنه قد قال الأخفش إن قوله: أنا النبي لا كذب ليس بشعر.
وقال الخليل في كتاب العين: إن ما جاء من السجع على جزءين لا يكون شعراً.
قال ابن العربي: والأظهر من حاله أنه قال لا كذب برفع الباء من كذب، وبخفضها من عبد المطلب.
قال النحاس، قال بعضهم: إنما الرواية بالإعراب، وإذا كانت بالإعراب لم يكن شعراً، لأنه إذا فتح الباء من الأول أو ضمهما أو نونها وكسر الباء من الثاني خرج عن وزن الشعر ([4]) .
فللشعر منهج غير منهج النبوة . الشعر انفعال . وتعبير عن هذا الانفعال . والانفعال يتقلب من حال إلى حال . والنبوة وحي . على منهج ثابت . على صراط مستقيم . يتبع ناموس الله الثابت الذي يحكم الوجود كله . ولا يتبدل ولا يتقلب مع الأهواء الطارئة , تقلب الشعر مع الانفعالات المتجددة التي لا تثبت على حال .
والنبوة اتصال دائم بالله , وتلق مباشر عن وحي الله , ومحاولة دائمة لرد الحياة إلى الله . بينما الشعر - في أعلى صوره - أشواق إنسانية إلى الجمال والكمال مشوبة بقصور الإنسان وتصوراته المحدودة بحدود مداركه واستعداداته . فأما حين يهبط عن صوره العالية فهو انفعالات ونزوات قد تهبط حتى تكون صراخ جسد , وفورة لحم ودم ! فطبيعة النبوة وطبيعة الشعر مختلفتان من الأساس . هذه - في أعلى صورها - أشواق تصعد من الأرض . وتلك في صميمها هداية تتنزل من السماء ([5]) .
فخلاصة القول – أن من مبطلات أي نبوة أن يكون حامل هذه النبوة شاعراً فما بالك بالميرزا غلام أحمد الذي كتب تسع وثلاثين قصيدة ؟؟؟
وينسف المتنبئ القادياني نبوته بيده نسفاً بإدعائه أنه شاعر بغض النظر عن بلاغة قصائده من ركاكتها ، وبغض النظر عن قصائده المخالفة للعقيدة الإسلامية ، فنقطة البحث هنا لم تتجاوز فكرة النبي الشاعر، ومن هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية السالفة الذكر التي تنفي الشعر عن النبي .. نستطيع القول بأنه ما ينبغي للنبي أن يكون شاعراً .
وهكذا يتوالى كشف كذب هؤلاء الأدعياء ، ولله تعالى الحكمة البالغة.. فوجود أمثال هؤلاء دليل على صدق نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل " ... وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله "
([6]) فبالضد تتميز الأشياء ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] - راجع الخزائن الروحانية للميرزا غلام أحمد - المجلد 17 كتاب الأربعين لإتمام الحجة على المخالفين صفحة 435
[2]- الخزائن الروحانية المجلد الخامس – كتاب مرآة كمالات الإسلام صفحة 545
[3] - تفسير ابن كثير
[4]- فتح القدير للإمام الشوكاني .
[5]- في ظلال القرآن – سيد قطب
[6]- سنن أبو داوود /
تم التطوير باستخدام نظام مداد كلاود لإدارة المحتوى الرقمي بلغات متعددة .