قال الزبيدي :" الإلهام : ما يلقى في الروع بطريق الفيض، ويختص بما من جهة الله والملأ الأعلى ، ويقال : إيقاع شيء في القلب يطمئن له الصدر، يخص الله به بعض أصفيائه " ([1]) .
وقال الجرجاني :" الإلهام : ما يلقى في الروع بطريق الفيض ، وقيل : الإلهام ما وقع في القلب من علمٍ ، وهو يدعو إلى العمل من غير استدلال بآية ، ولا نظر في حجة " ([2]) .
وقال ابن الأثير :" الإلهام أن يلقي الله في النفس أمرًا ، يبعثه على الفعل أو الترك ، وهو نوع من الوحي يخص الله به من يشاء من عباده " ([3]) .
وقال الدكتور يوسف القرضاوي ([4]) بعد أن ذكر بعض تعريفات العلماء للإلهام :" وهذه التعريفات كلها تدور حول معنىً أساسي وهو أن الإلهام إلقاء معنى أو فكرة أو خبر أو حقيقة في النفس أو القلب أو الرَّوع - سمِّهِ ماشئت - بطريق الفيض ، بمعنى أن يخلق الله فيه علمًا ضروريًا لا يملك دفعه " ([5]) .
وقد وردت مادة الإلهام في القرأن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى : ) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( ( سورة الشمس :8 )
وقد انقسم العلماء حيال الإلهام إلى ثلاث أقسام :
القسم الأول : نفى الإلهام ورفض الاحتجاج به رفضًا تامًا ، قال القفال لو تثبت العلوم بالإلهام لم يظن للنظر معنى ، ونسأل القائل بهذا عن دليله فإن احتج بغير الإلهام فهو ناقض ([6]) .
والقسم الثاني : غالى وأثبت الإلهام كمصدر من مصادر العلم والتشريع بحيث يستدل به على سلامة الاعتقاد وصحة العمل واستقامة المنهج ، وهؤلاء هم غلاة الصوفية الذين لم يتحصنوا بمحكمات الشريعة ، إنما اعتمدوا على المتشابهات فضلوا وزاغوا .
أما القسم الثالث فهم المتوسطون الذين لم يرفضوا الإلهام يغلقوا بابه كلية ولكنهم قيدوه بالأصول والضوابط التي تمنع دخول الكذب والوهم والغلو ([7]) .
قال الشوكاني ردًا على قول القفال السابق :" ويجاب عن هذا الكلام بأن مدعي الإلهام لا يحصر الأدلة في الإلهام حتى يكون استدلاله بغير الإلهام مناقضًا لقوله ، نعم إن استدل على إثبات الإلهام بالإلهام كان في ذلك مصادرة على المطلوب ؛ لأنه استدل على محل النزاع بمحل النزاع ، ثم على تقدير الاستدلال لثبوت الإلهام بمثل ما تقدم من الأدلة من أين لنا أن دعوى هذا الفرد لحصول الإلهام له صحيحة ، وما الدليل على أن قلبه من القلوب التي ليست بموسوسة ولا بمتساهلة " ([8]) .
وقد أشار ابن القيم في مدرج السالكين إلى عدم حجية الإلهام من الناحية الشرعية ([9]) .
وعلماء أصول الدين وأصول الفقه يعتبرون الإلهام ليس بحجة سواء في باب المعارف والاعتقادات ، أو في باب الأعمال والتعبدات ، يقول الجرجاني :" وهو ليس بحجة عند العلماء إلا عند الصوفيين " ([10]) .
يقول الدكتور القرضاوي :" ومن الإنصاف أن أبادر هنا فأقول : إني لم أجد - من العلماء المعتبرين لدى الأمة - من ينفي الإلهام نفيًا كليًا وينكره إنكارًا مطلقًا ، بل النفي منصب على الاعتداد به أصلاً ودليلاً شرعيًا ، واعتباره حجة مستقلة بحيث يستدل به على الحق والصواب في باب المعارف والاعتقادات وعلى مشروعية الفعل أو الترك في باب التعبدات والمعاملات " ([11]) .
أما بالنسبة للغلام القادياني فإنه لما اشتهر أمره في الدفاع عن الإسلام والمناظرة للقسس والهندوس ، بدأ يدعي الإلهام ، فبدأ يلهم أن الله يأمره بأخذ البيعة ، وكان ذلك أثناء تأليفه الجزء الثالث من كتاب براهين أحمدية في مارس 1882م ([12]) ؛ لذا فقد حشا هذا الجزء والجزء الذي يليه وكثير من كتبه بكثير من الكشوف والإلهامات ، ومن أمثلة ذلك قوله :" كنت ذات يوم فرغت من فريضة المساء و سننها ، و أنا مستيقظ ، ما أخذني نوم ولا سِنة وما كنت من النائمين ، إذ سمعت صوت صك الباب ، فنظرت فإذا المدكـّون يأتونني مسرعين ، فإذا دنوا مني عرفت أنهم خمسة مباركة ، أعني عليًّا مع ابنيه وزوجته الزهراء وسيد المرسلين ، اللهم صلِّ و سلم عليه وآله إلى يوم الدين ، ورأيت الزهراء وضعت رأسي على فخذها ، ونظرت بنظرات تحنن كنت أعرف في وجهها ، ففهمت في نفسي أن لي نسبة بالحسين ، وأشابهه في بعض صفاته وسوانحه ، و الله يعلم وهو أعلم العالمين ، ورأيت أن عليًا رضي الله عنه يريني كتابًا ، ويقول: هذا تفسير القرآن أنا ألفته ، و أمرني ربي أن أعطيك ، فبسطت يدي و أخذته ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى ويسمع ولا يتكلم كأنه حزين لأجل بعض أحزاني " ([13]) .
وقوله :" حدث ذات مرة أنني ظللت مستغرقًا في الصلاة على النبي صلى الله عليه فترة من الزمن ؛ لأنني كنت على يقين أن سبل الله دقيقة جدًا ، ولا يمكن الاهتداء إليها دون وسيلة النبي صلى الله عليه وسلم ... ثم بعد مدة رأيت في حالة الكشف أن سقاءين قد جاءا ودخلا بيتي ، أحدهما من الطريق الداخلي ، والآخر من الطريق الخارجي ، وعلى أكتافهما قِرَب من نور ، ويقولان هذا بما صليت على محمد " ([14]) .
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد ، ولكن الميرزا ذكر أنواعًا أخرى للكشف منها :
وهو يقابل الكشف الروحاني ، حيث يقرّ بوجود كشف من النوع الشيطاني ، يلتقي فيه الأولياء ، أو الأنبياء بالشيطان خلال الكشف ، يقول:" وكذلك تمامًا يعترف علماء المسيحية بأن الشيطان الذي قابل عيسى عليه السلام لم يأته بصورة بشرٍ مارٍ بالطرقات والأزقة بين أيدي اليهود ، و لم يحدِّث المسيح كحديث الناس فيما بينهم بحيث يسمعه الآخرون أيضًا ، بل كان ذلك اللقاء أيضًا صورة من الكشف رآها المسيح وحده ، و كان الحوار بينهما وحيًا شيطانيًا .... أي أن الشيطان بحسب عادته القديمة ، ألقى في قلب المسيح بشكل الوسواس، و لكن قلب المسيح لم يقبل هذه الوساوس الشيطانية ، بل رفضها كما فعل بوذا " ([15]) .
وهو كشف عجيب ادعاه الميرزا ، حيث تكذب الملائكة - حاشاهم - في ذلك الكشف !! يقول :" رأيت في المنام ملكًا بهيئة شخص جاء أمامي ، وأعطاني نقودًا كثيرة ألقاها في حجري ، فسألته عن اسمه فقال " ليس لي اسم " ، فقلت " لا بد أن يكون لك اسم " فقال " اسمي تيتشي تيتشي"([16]) .
يقول :" بريشن عمر براطوس يا بلاطوس" ، ثم يقول الميرزا بعد ذكر هذا الوحي:" لا أدري هو بلاطوس صحيح أم براطوس لأن الإلهام نزل علي بسرعة" ([17]) .
حيث يمكـن أن يتحصـل الكشـف الروحـاني عنـده بالتركيـز العقـلي ، يقـول:" لو أنني ركزت الآن أنا أيضًا لتمكنت بفضل الله وتوفيقه من رؤية المسيح ، أو غيره من الأنبياء المقدسين في اليقظة التامة " ([18]) .
يعني أنه يتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ، يقول : بشير أحمد : " قال حضرته - ميرزا غلام - بلسانه المبارك أكثر من مرة : إني لاقيت الرسول صلى الله عليه و سلم في اليقظة مرات عديدة ، و قد حصلت منه مباشرة على تصديق لبعض الأحاديث التي هي عند الناس ضعيفة ، أو أقل درجة من ذلك ، وهناك أحاديث يعتبرها المحدثون ضعيفة ، وفي الحقيقة هي صحيحة لا غبار عليها " ([19]) .
ولم يكن الغلام بدعًا فيه ، فقد ادعاه كبار الصوفية وهم من يلقبون بالأقطاب ، فهذا ابن عربي يدعي أن تلقى كتاب فصوص الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فيقول في مقدمة الكتاب :" ... فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق ، وبيده صلى الله عليه وسلم كتاب ، فقال لي : هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به ، فقلت : السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا ، فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان " ([20]) .
ولا يخفى تأثر الغلام الواضح بغلاة الصوفية ، وبطرائقهم الملتوية في تحصيل المعارف الشرعية ، والتي يعمون بها على الناس ويخدعونهم بها - فالكشف أصل من أصول التصوف - ، ولذلك كان يعتمد اعتمادًا كاملاً
على العلم اللدني ، فقد حشا مادة الجزء الرابع من كتابه براهين أحمدية بالكثير من الإلهامات التي يدعي فيها
الكشف والعلم اللدني ، وحصول نور اليقين والعلم القطعي ([21]) .
وهذا التأثر قاد الغلام إلى أمرين متداخلين متكاملين :
أولهما : قبول اقتراح الحكيم نور الدين ، حيث أشار عليه أن يظهر بمظهر المسيح ، ويدعي أنه المسيح الموعود الذي ينزل آخر الزمان ، وصادف ذلك هوىً في نفس الغلام ([22]) .
ثانيهما : أنه سار على منهج غلاة الصوفية في التدرج في الكشف والإلهام فساعده ذلك على إدعاء النبوة وحل له كثيرًا من المشكلات التي واجهته ، فغلاة الصوفية يترقون في الكشف على النحو الآتي :
1- يدعون أن الصوفي يكشف له عن معان جديدة في القرآن والسنة لا يعلمها علماء الشريعة ؛ لأن علماء الشريعة يعتمدون في نقل تلك المعاني من القرآن والسنة على موتى ، وأما هم فإنهم يأخذونها عن الله تعالى مباشرة ؛ لذا تجدهم في شروحاتهم وتفاسيرهم يأتون بمعان من نسج أخيلتهم ، ويزعمون فيها أكاذيب لا تستند إلى دليل من الشرع ، بل ولا من العقل في أكثرها.
2- ثم يترقون فيزعمون أن لهم علومًا لا توجد في الكتاب ولا في السنة يأخذونها جديدة عن الخضر ، وهي علوم الباطن ، وهذه الفرية هي التي استباحوا بموجبها كثيراً من الفواحش والمحرمات .
وبهذه الفرية أيضًا زعموا أنهم يعلمون أسرار الحروف المقطعة من القرآن وقصص الأنبياء على حقيقتها، وأنهم يجتمعون بالأنبياء ويسألونهم عن تفاصيل قصصهم ، وخرافات كثيرة ، مما لا يقبله عقل ولا ترتضيه فطرة ([23]) .
4- ويترقى بعضهم أكثر فيدَّعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يخبرهم بأذكارهم وعبادتهم يقظة لا
منامًا.
5- ويبالغ بعضهم في الترقي فيزعمون أنهم يتلقون علومهم عن مَلَك الإلهام ، كما تلقى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم علومه من ملك الوحي مباشرة .
6- وبعضهم يشطح شطحات يخرج بها عن نطاق المقبول ، بل والمعقول فيزعم أنه يتلقى علومه عن الله رأسًا
وبلا واسطة ([24]) .
وقد سار الغلام على هذا المنهج خطوة خطوة ، وادعى هذه المزاعم كلها ، فادعى الإلهام والعلم اللدني ، يقول الغلام :" واعلموا يا إخوان أني أرسلت محدَّثًا إليكم ، وإلى كل من في الأرض " ([25]) .
ويقول :" ياقوم إني عبد الله من علي برحمة من عنده ، وعلمني من لدنه علم الأولين ، وأرسلني على رأس هذه المائة "([26]) .
ويقول:" ومن آيات صدقي أنه أعطاني علم القرآن ، وأخبرني من دقائق الفرقان الذي لا يمسه إلا المطهرون" ([27]) .
كما زعم أنه يتلقى العلم مباشرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم : " إني لاقيت الرسول صلى الله عليه و
سلم في اليقظة مرات عديدة ،و قد حصلت منه مباشرة على تصديق لبعض الأحاديث التي هي عند الناس ضعيفة أو أقل درجة من ذلك ، وهناك أحاديث يعتبرها المحدثون ضعيفة ، وفي الحقيقة هي صحيحة لا غبار عليها "([28]) .
وادعى أيضًا أنه يتلقى عن المَلَك ، يقول :" جاءني آئل واختار ، وأدار أصبعه وأشار : يعصمك الله من العدا ، ويسطو بكل من سطا ، ثم خاطبني ربي وقال : إن آئل هو جبريل " ([29]) .
ويقول :" ... فإن الوحي الإلهي يهديني إليها ، حيث يلقي روح القدس تلك الكلمة في قلبي على شكل وحي ملتوٍ " ([30]) .
ويقول : " فأثنـاء الكتابة بالعـربية ترد على قلبي مئات الجمل بصورة وحي ملتوٍ ، أو يرينيها ملاك مكتوبة
على ورقة ويكون بعضها آيات من القرآن الكريم ، وبعضها شبه آيات " ([31]) .
بل لا يقتصر المَلَك على إيصال الوحي للغلام ، بل يطلعه على علاجات لبعض الأمراض ، يقول : " وفي كثير من الأحيان أطلعت بالوحي على أدوية لعلاج بعض الأمراض بغض النظر عن كونها مكتوبة من قبل في كتاب جالينوس ، أو كتاب أبقراط " ([32]) .
كما ادعى تلقيه عن الله تعالى دون واسطة ، يقول :" فناداني ربي من السماء أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ، وقم وأنذر فإنك من المأمورين " ([33]) .
ويقول : " إني امرؤ يكلمني ربي " ([34]) .
بل يزعم أن الله يكلمه باستمرار وقتًا طويلاً ، وقد يظل يكلمه إلى السحر ، يقول الغلام :" لقد فتح الله علي هذه الأيام أبواب فضل كبيرة ، فبعض الأوقات يبقى الله تعالى مستمرًا بالكلام معي إلى أوقات متاخرة ، ولو كتبت جميع ما يقوله لي لملأت أوراقًا كثيرة " ([35]) .
وقال أبو العطاء الجلندهري - أحد دعاة القاديانية - : " كلم الله أحمد - يعني غلام أحمد - بجميع الطرق التي يكلم بها أنبياءه ؛ لأن الأنبياء في وصف النبوة سواء " ([36]) .
ولا يخفى ما في هذه الادعاءات من الكذب البين والخلط الشديد ، فوحي الغلام وإلهاماته التي يزعم أنها أوحيت إليه لا تعدو أن تكون بترًا لآيات من القرآن الكريم ، أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أمثال وأشعار العرب ، فهو يقول مثلاً :" يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، يا مريم اسكن أنت وزوجك الجنة ، يا أحمد اسكن أنت وزوجك الجنة " ([37]) .
و يقول :" ... من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب " ([38]) .
ويقول " عفت الديار محلها ومقامها " ، ويقول : " إن المنايا قد تطيش سهامها " ([39]) ، وكلاهما جزء من معلقة لبيد بن ربيعة ، أما الأول فهو من أول بيت في القصيدة ، مع استبدال الفاء في " فمقامها " بالواو ، ونص البيت :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها ([40])
أما قوله الثاني فجزء من البيت التاسع والثلاثين من القصيدة ذاتها ، وقد أتى بقد مكان لا ، ونص البيت :
صادفن منها غرة فأصبنها إن المنايا لا تطيش سهامها ([41])
والغلام الكذاب يروي في وحيه المزعوم الشطر الثاني " إن المنايا لا تطيش سهامها " بلفظ " إن المنايا قد تطيش سهامها " ، وما علم النبي الكذاب أن سهم الموت لا يطيش ، ولا ينحرف عن صاحبه ؛ لأنه بقدر الله تعالى ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سوء المعتقد ، وعلى الجهل الشديد ، وكأن الغلام الدعي الكذاب لم يقرأ أبدًا قوله تعالى : ) فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ( ( سورة الأعراف : 34 ) ، وقوله سبحانه : )إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ( ( سورة نوح : 4 ) ، ويدل كذلك على الحمق والغباء ، بل لقد كان لبيد بن ربيعة أفطن ، وأعقل من الغلام إذ علم أن المنايا لا تطيش ، ولا تخطئ صاحبها .
ويعترف الغلام بذلك فيقول : " ..... إنها عشر فقرات أو اثنتا عشرة فقرة - من بين عشرين ألف فقرة - منها
آيات القرآن الكريم وبعضها من أمثال العرب " ([42]) .
ويبدو أن الغلام قد راقت له أفكار غلاة الصوفية المنحرفة ، والتي تعود إلى الفكر الباطني ، ورأى فيها والوسيلة المثلى لتحقيق أغراضه الدنيئة ، فلم يتورع عن الكذب على الله وادعاء الوحي ، وأخذ عبارات من مصادر شتى ، وأخذ يرصها إلى جوار بعضها البعض ، كما يرص اللبن ، مدعيًا أن هذا وحي الله الذي أوحاه له .
يقول خادم حسين إلهي بخش " وبعد تصفح التذكرة يستنتج المرء أن إلهامات الغلام وكشوفاته رؤى منامية ، لم يأت إليه الوحي يقظة طوال حياته ، أضف إلى ذلك أن باب الوحي والإلهام واتصال متبع الغلام بالملكوت العلوي مفتوح أمام كل القاديانيين ، وقد روت مجلة " أحمدية كزت أي الأحمدية الكندية " وحي الخليفة مرزا ناصر أحمد فنسبت إليه قوله :" لقد أوحي إليَّ أنَّ غلبة الإسلام ووصوله إلى الآفاق سيكون أشمل من الخلافتين السابقتين " ([43]) .
ويقول الشيخ إحسان إلهي :"وهل من المعقول أن يكون كلام الله مهملاً كما صوره غلام أحمد القادياني "([44]).
هذا علاوة على هذه الأفكار الضالة ليست من أم رأس الغلام ، وإنما استقاها من الفكر الباطني ، يقول الدكتور عامر النجار :" وهذا يؤكد أن دعوته باطنية ، وزعمه أنه من أصحاب الإلهام يثبت الصلة القوية بين الفكر الباطني وبين الدعوة القاديانية " ([45]) .
وليست الأمة في حاجة إلى إلهامات الغلام الضالة ، قال ابن القيم :" وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يقول ( يعني في التعليق على حديث " إنه كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في هذه الأمة فإنه عمر بن الخطاب "([46]) : جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا ، وعلـق وجودهـم في هذه الأمة بـ " إن "
الشرطية ، مع أنها أفضل الأمم ، لاحتياج الأمم قبلنا إليهم ، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته ، فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم ، ولا صاحب كشف ولا منام ، فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها ([47]) .
([1]) تاج العروس من جواهر القاموس ، للزَّبيدي تحقيق : مجموعة من المحققين ، دار الهداية ، ج33 ، ص461.
([2]) التعريفات ، للجرجاني ، ص34 .
([3]) النهاية في غريب الحديث والأثر ،لابن الأثير ،المكتبة العلمية - بيروت،1399هـ -1979م ،تحقيق: طاهر أحمد الزاوى- محمود محمد الطناحي ، ج4 ، ص 282 .
([4])ولد الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر في 9 / 9 / 1926م ، التحق بالأزهر الشريف حتى تخرج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، ومنها حصل على العالية سنة 1953م ، وهو أحد أبرز العلماء في العصر الحديث ، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، ورئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ، له مؤلفات كثيرة منها : الحلال والحرام في الإسلام ، وأثر الإيمان في حياة الفرد ، فوائد البنوك هي الربا الحرام ، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية ، والحياة الربانية والعلم ، والفتوى بين الانضباط والتسيب ، وغيرها .
([5]) موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤي ومن التمائم والكهانة والرقى ، د يوسف القرضاوي ، مكتبة وهبة ، ط1 ، 1415هـ -1994م، ص16-17
([6]) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ، للشوكاني ، تحقيق سامي بن العربي الأثري ، دار الفضيلة ، الرياض ، ط1 ،1421هـ - 2000م ، ص 1019-1020 .
([7]) انظر في هذه الأقسام : موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى ، د يوسف القرضاوي ، مكتبة وهبة ، ط1 ، 1415هـ - 1994م ، ص27 .
([8])إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ، للشوكاني ، تحقيق سامي بن العربي الأثري ،ص 1019-1020 .
([9]) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ،لابن القيم تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي ، دار الكتاب العربي - بيروت ، ط3، 1416 هـ - 1996م ، ج1، ص70 - 71 .
([10]) التعريفات ، للجرجاني ، ص34 .
([11]) موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى ، د يوسف القرضاوي ، ص21 .
([12]) انظر : مقال بعنوان سيرة المهدي ، وهو عبارة حلقات يعرض من خلالها كتاب سيرة المهدي لميرزا بشير أحمد ، مجلة التقوى القاديانية ، اﻟﻤﺠلد الخامس والعشرون ، العدد السادس- ذو القعدة وذو الحجة 1433هـ - أكتوبر٢٠١٢ م ، ص 32 – 33 ، وقد كان الغلام يستخدم الإلهام بمعنى الوحي ، ومعلوم أن الإلهام نوع من أنواع الوحي ، فبينهما عموم وخصوص ، وكثيرًا ما يستخدم الكشف بمعنى الإلهام ، على ما بينهما من الفارق ، إذ الكشف هو : الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية ، والأمور الحقيقية وجودًا وشهودًا ( انظر التعريفات ، للجرجاني ، ص 184 ) وذلك مثل قوله :" ثانيًا أمرني الله تعالى في الكشف بإعلان النزول الجلالي للمسيح ولتبشير الأمم للدخول في ملكوته ، ثانيًا أمرني بإلهام منه لأدعو الأمم للنجاة من الطاعون " ، ويقول: " ولا يجوز حصر كلمة الإلهام بمعناها اللغوي لأن جمهور العلماء متفقون على اعتبار الإلهام مرادفًا للوحي " ( انظر : حقيقة الوحي ، للغلام ، ص383 وهامشها ) .
([13]) التبليغ ، للعلام ، ص107 - 108.
([14]) خاتمة حقيقة الوحي ، للغلام ، هامش ص 114 .
([15]) انظر كتاب المسيح الناصري في الهند ، للغلام ، ترجمه إلى العربية القسم العربي بالجماعة الإسلامية الأحمدية ، الشركة الإسلامية المحدودة ، ط1، 1423هـ - 2002م ، ص 81 - 82 .
([16]) نقلا عن : الأحمدية عقائد وأحداث ، حسن محمود عودة ( كان يعمل مديرًا عامًا الشئون العربية في الجماعة الأحمدية ثم هداه الله فرجع عن الأحمدية وكتب هذا الكتاب لبيان ضلالها ) ، مؤسسة التقوى العالمية ، ط1 ، 1424هـ - 2000م ، ص 138 .
([17]) نقلا عن : الأحمدية عقائد وأحداث ، حسن محمود عودة ، ص140 .
([18]) المسيح الناصري في الهند ، للغلام ، ص ، 215 .
([19]) سيرة المهدي ، بشير أحمد ، رواية رقم 572 ، ص 27 .
([20])انظر فصوص الحكم لمحي الدين ابن عربي ، مع التعليقات عليه لأبي العلا عفيفي ،دار الكتاب العربي ، بيروت ، ص47.
([21]) القادياني والقاديانية ، لأبي الحسن الندوي ، ص 47 .
([22]) القادياني والقاديانية ، للندوي ، ص56 .
([23]) انظر : الإنسان الكامل ، لعبد الكريم الجيلي ، ص 210 ، وما بعدها .
([24]) انظر في ذلك : الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ، عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف ، مكتبة ابن تيمية ، الكويت ، ط3،1406هـ - 1986م ، ص 147- 148، فرق تنتسب للإسلام ، د غالب عواجي ، ج3 ، ص 120-122.
([25])التبليغ ، للغلام ، ص 2.
([26]) التبليغ ، للغلام ، ص 2 .
([27])التبليغ ، للغلام ، ص 72 .
([28]) سيرة المهدي ، بشير أحمد ، رواية رقم 572 ، وفي كتاب التبليغ ، للغلام ، ص106- 108 ، ذكركثيرًا من هذه اللقاءات بالنبي صلى الله عليه وسلم ، يقظة ومنامًا ، وأخذه عنه العلم بلا واسطة .
([29]) مواهب الرحمن ، للغلام ، ص 50 .
([30]) نزول المسيح ، للغلام ، ص 52 .
([31]) نزول المسيح ، للغلام ،52.
([32]) نزول المسيح هامش ص 52 ، والعجب هنا كل العجب ، أن يدل الوحي الغلام على علاج للأمرض ولا يدله على علاج لأمراضه الكثيرة التي يعاني معاناة شديدة ، فيظل طوال عمره يعاني منها حتى يموت بالكوليرا ، فهل هناك كذب وتناقض اوضح من هذا ؟ !!
([33]) التبليغ ، للغلام ، ص 6 .
([34]) مواهب الرحمن ، للغلام ، ص 3.
([35]) الأحمدية عقائد وأحداث ، حسن عودة ، ص138، نقلاً عن سيرة المهدي رقم 88 .
([36]) نقلاً عن :طائفة القاديانية ، للشيخ محمد الخضر حسين ، اعتنى به محمد عوض المصري ، دار الاستقامة ، ط1 ،1431هـ -2010م ، ص19- 20.
([37]) حقيقة الوحي ، للغلام ، ص79 ، يدعي الغلام أن هذا الهراء ، وهذا الكلام الركيك وحي من الله !!
([38]) حقيقة الوحي ، للغلام ، ص84 ، وهذا جزء من حديث مشهور رواه البخاري في صحيحه ، برقم6502 ، ج8 ، ص105 .
([39]) حقيقة الوحي ، للغلام ، ص 90 .
([40]) شرح المعلقات السبع ، للزوزني ، دار احياء التراث العربي ، ط1 ، 1423هـ - 2002 م ، ص 171 .
([41]) شرح المعلقات السبع ، للزوزني ، ص 187 .
([42]) نزول المسيح ،للغلام ، ص50 ، والعشرين ألف فقرة التي يشير إليها هي التي يتكون منها كتابه إعجاز المسيح ، وياله من كذب وبهتان ، فهذا الكتاب يقع في مائة وثماني صفحات ، لا تزيد فقراتها على ألف فقرة أو ألفين على أقصى تقدير !!
([43]) انظر : أثر الفكر الغربي في إنحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية ، ( رسالة ماجستير ) خادم حسين إلهي بخش ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1405هـ ، ص 312.
([44]) القاديانية دراسات وتحليل ، الشيخ إحسان إلهي ظهير ، دار الإمام المجدد للنشر ،القاهرة ، ط1 ، 1426هـ - 2005م ، ص 111 .
([45]) القاديانية ، عامر النجار ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، ط1 ، 1425هـ - 2005م ، ص23 .
([46]) رواه البخاري في صحيحه ، برقم 3469 ، ج4 ، ص 174 ، ومسلم في صحيحه برقم 2398 ، ج 4 ، ص 1864 ، والترمذي في =
= سننه ، برقم 3693 ، ج 5 ، ص 622 .
([47]) مدارج السالكين ، لابن القيم ، تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط3 ، 1416هـ - 1996م ، ج1 ، ص 63 .
تم التطوير باستخدام نظام مداد كلاود لإدارة المحتوى الرقمي بلغات متعددة .